فلسطين أون لاين

"أبْطلت التّوغلات المُباغتة وفاجأت جيش الاحتلال بأساليب جديدة"

كمائن "القسّام" النوعية .. تكتيكات "كر وفر"  قلبتْ السّحر على السّاحر

...
غزة/ يحيى اليعقوبي

تقدّمت قوة من جيش الاحتلال تجاه حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، بهدف القيام بأعمال عسكرية مباغتة تفاجئ بها قوات الاحتلال المقاومة على حين غرة صباح الثامنة والنصف صباحًا مؤخرًا، وما أن وصلت القوة مبنى تبين فيما بعد أنه مفخخ، وكانت قوة الجيش مراقبة عبر كاميرات زرعتها المقاومة في المبنى.

بمجرد دخول القوة المبنى تم تفعيل تفجير العبوات عن بعد، أقر الاحتلال بمقتل جندي وإصابة 12 آخرين في حين أعلنت الإذاعة العبرية، أن من بين المصابين 4 بحالة خطرة و3 جراحهم متوسطة بانفجار عبوة.

يكشف الكمين عن تطور في عمل المقاومة في المجال التقني واستخدامه في المعركة العسكرية بعد عشرة أشهر من الحرب، روج فيها الاحتلال أنه قام بتفكيك قدرات المقاومة، لتنسف هذه الكمائن وفق مراقبين تلك الادعاءات، في وقت تسطر فيه المقاومة بميدان المعركة بطولات تفاجئ الاحتلال.

وبالتزامن مع هذا الكمين بثت القسام مقطعا مرئيا لاستهداف مركز القيادة والسيطرة لجيش الاحتلال في محور نتساريم بطائرة الزواري الانتحارية دون الكشف عن تفاصيل الهجوم، وقبلها أعلنت عن استهداف خمس آليات إسرائيلية بحي تل السلطان بمحافظة رفح، وظهر اليوم استهدفت بحقل ألغام أعد مسبقًا عددًا من آليات العدو ومعداته الهندسية بمنطقة المواقع العسكرية شرق مدينة دير البلح.

ليس بعيدًا عن المشهد كمين "البراء" في محور نيتساريم حينما تسللت زمرة من مجاهدي القسام لداخل المحور وفجرت جبين عسكريين إسرائيليين واشتبكت مع الجنود وانسحبوا بسلام، وعشرات العمليات لكمائن استهداف الدبابات والآليات.

ورغم التكتيم الإعلامي الإسرائيلي الممارس على نتائج كمائن القسام، اعترف جيش الاحتلال لأول مرة في 15 يوليو/ تموز الماضي بنقص في الدبابات التي يحتاجها بعد عطب العديد منها بسبب الحرب في قطاع غزة. 

تكتيكات مرنة

وفي وقت تنشر القسام تفاصيل عن كمائنها، لا تتوقف أخبار "الحوادث الأمنية الصعبة" عن الظهور والتداول في شاشات المواقع العبرية الإسرائيلية، رغم كل حجم التكتيم الإعلامي الذي يمارسه الاحتلال وتفضحه مقاطع المقاومة التي توثقها لعملياتها.

ورأى الخبير العسكري والاستراتيجي من عمان محمد الصمادي في مقابلة تلفزيونية مع قناة "الجزيرة" أن هذه العمليات دليل على الإبداع والقدرة العالية لعمليات المقاومة سواء الدفاعية أو التعرضية خصوصا من المسافات القريبة.

ويعتقد الصمادي أن المقاومة قامت بإعادة التأقلم والتكيف باستخدام تكتيكات مرنة غير تقليدية تعتمد على أساليب الكر والفر، وهذا أكبر دليل على قدرة المقاومة على إيقاع خسائر كبيرة في جيش الاحتلال.

وفي وقت تنشر فيه المقاومة مقاطع مصورة لعملياتها النوعية، نقلت شبكة سي إن إن عن مسؤول أمريكي رفيع قوله إن "الجيش الإسرائيلي يرغب في وقف إطلاق النار في غزة الآن" وهذا ما يربطه الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي برغبة جيش الاحتلال بعدم الدخول بحرب استنزاف كما يجري الآن مع المقاومة الفلسطينية التي تستهدف قوات الاحتلال.

ويمارس جيش الاحتلال تعتيمًا إعلاميًا كبيرًا على تفاصيل ما تنشره المقاومة، كجزء من ترتيبات الحرب للمحافظة على معنويات المجتمع الإسرائيلي وجنود جيش الاحتلال. وفق ما تحدث به مجلي لموقع "فلسطين أون لاين"

ومن جانب آخر، رأى مجلي أن جيش الاحتلال القائم على العدوان نفذ عمليات من القتل والدمار والبطش ما يكفي حتى يوقف الحرب فيما يرغب رئيس حكومته بنيامين نتنياهو في استمرار الحرب بهدف تحقيق مصالح سياسية.

وتتعارض عمليات المقاومة مع ما ينشره الاحتلال بأنه قام بتفكيك ألوية القسام، وفق معهد دراسات الحروب الأميركي الذي يعد أحد أهم دراسات الحروب في أمريكا، إن الحرب المتواصلة منذ 10 أشهر في قطاع غزة ليست قريبة من الحسم، وإن حركة حماس نجحت في إعادة بناء قوتها، وأن نتنياهو يعطي صورة مغايرة لما يجري على الأرض.

ولم تكتف القسام بإعادة بناء قدراتها بأسلوب غير معتاد -كما يقول المعهد- بل طورت من تكتيكاتها القتالية، بحسب محللين عسكريين عملوا على التحقيق، وباتت تعتمد ما يصطلح على تسميتها "حرب العصابات"، وذلك بالعمل عبر مجموعات صغيرة العدد قادرة على إحكام الكمائن ضد القوات المهاجمة وإيقاع خسائر والانسحاب.

المقاومة بوضع أفضل

وكان جيش الاحتلال يسعى لتحقيق تغيير كبير في طبيعة المعركة طوال 10 أشهر من عمر الحرب، بحيث يستطيع السيطرة ميدانيًا، لكن كمائن المقاومة النوعية كعملية حي الزيتون وفق الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني طلال عتريسي تثبت أن المقاومة ليست بوضع دفاعي فقط وأنها لا زالت قادرة على القتال وهذا يعطيها قوة في المفاوضات بأن لا ترضخ لشروط الاحتلال. 

وقال عتريسي لموقع "فلسطين أون لاين": إن "استمرار عمليات المقاومة مع غياب الامدادات، يعني أن المقاومة تعتمد على الداخل بكل المستويات سواء في التصنيع أو الإمداد أو الحماية، وأنها كانت تجهز نفسها لهذه الحرب وتعد العدة لها وأن التخطيط الاستراتيجي للحرب كان واضحًا ودقيقا لهذه الاحتمالات".

ورأى أن عمليات المقاومة تشير إلى إرباك كبير يعيشه جيش الاحتلال، الذي كان يروج أن معركة رفح ستنهي المقاومة لكن تماسك المقاومة إدارة عملياتها زاد من حالة الإحباط لدى جيش الاحتلال الذي بدأ يطالب بوقف إطلاق النار في حين يريد المستوى السياسي مواصلة الحرب، وهذا يعمق التناقض بين الجانبين.

ويعتقد أن استمرار هذا النوع من التكتيكات يجعلنا وكأننا نعيش الأيام الأولى من المعركة، ويجعل المقاومة في وضع أفضل أمام جيش الاحتلال المنهك.